شهر رمضان والصوم الصحي الاسلامي خبير الاعشاب والتغذية العلاجية منذ عام 1986

الجمعة، 9 أكتوبر 2020

معنى قول النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “هَلاكُ أُمَّتِي فِي الْكِتَابِ وَاللَّبَنِ”




 معنى قول النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “هَلاكُ أُمَّتِي فِي الْكِتَابِ وَاللَّبَنِ”


يقول السائل: سمعتُ حديثاً عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: “هَلَاكُ أُمَّتِي فِي الْكِتَابِ وَاللَّبَنِ” فهل هذا الحديث ثابتٌ عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وما معناه، أفيدونا؟الجواب:أولاً: ورد هذا الحديث عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:( هَلاكُ أُمَّتِي فِي الْكِتَابِ وَاللَّبَنِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ مَا الْكِتَابُ وَاللَّبَنُ؟ قَالَ: يَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ فَيَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ مَا أَنْزَلَ الله، وَيُحِبُّونَ اللَّبَنَ فَيَدَعُونَ الْجَمَاعَاتِ وَالْجُمَعَ وَيَبْدُونَ) رواه أحمد وأبو يعلى والحاكم والطبراني في “المعجم الكبير” والبيهقي في شُعبِ الإيمان، ورواه ابن عبد البر في “جامع بيان العلم” وصحح الحاكمُ إسناده، وصححه العلامةُ الألباني في السلسلة الصحيحة.وجاء في رواية في مسند الإمام أحمد قَالَ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(إِنَّمَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْكِتَابَ وَاللَّبَنَ” قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا بَالُ الْكِتَابِ؟ قَالَ:” يَتَعَلَّمُهُ الْمُنَافِقُونَ ثُمَّ يُجَادِلُونَ بِهِ الَّذِينَ آمَنُوا” فَقِيلَ: وَمَا بَالُ اللَّبَنِ؟ قَالَ:” أُنَاسٌ يُحِبُّونَ اللَّبَنَ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ الْجَمَاعَاتِ وَيَتْرُكُونَ الْجُمُعَاتِ” وقال محققو المسند: حديثٌ حسنٌ.‏وفي رواية ذكرها الهيثمي في “مجمع الزوائد”: (إنَّ أخوفَ ما أخاف على أمتي الكِتابُ واللَّبَنُ، فأمَّا اللَّبنُ فيتنجِعُ أقوامٌ بحُبِّه فيتركون الجمعةَ والجماعاتِ، وأما الكتابُ فيُفتَح لأقوامٍ منه فيجادلون به الذين آمنوا) رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني. وخلاصة درجة الحديث أنه لا ينزل عن درجة الحسن.ثانياً: المقصود بقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(هَلَاكُ أُمَّتِي فِي الْكِتَابِ وَاللَّبَنِ، قالوا يا رَسُولَ اللَّهِ! ما الْكِتَابُ وَاللَّبَنُ؟ قال: (يَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ فَيَتَأَوَّلُونَهُ على غَيْرِ ما أنْزَلَهُ اللهُ) أي أن من الناس مَنْ يتأولُ آيات القرآن الكريم على غير معناها الصحيح ويتلاعبُ بها، والحال أنه جاهلٌ بالسنة النبوية. وقد ترجم الحافظ ابن عبد البر لهذا الحديث بقوله: “باب مَنْ تأوَّل القرآنَ أو تدبَّره وهو جاهلٌ بالسنة” ثم قال:[ أهل البدع أجمع، أضربوا عن السنن، وتأولوا الكتاب على غير ما بينت السنةُ، فضلوا وأضلوا، نعوذ بالله من الخذلان ونسأله التوفيق والعصمة برحمته، ثم ساق بعض روايات الحديث:عن عقبة بن عامر قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إن أخوف ما أخاف على أمتي اثنتان القرآنُ وَاللَّبَنُ، فأما القرآن فيتعلمه المنافقون ليجادلوا به المؤمنين. وأما اللَّبَنُ فيتبعون الريف يتبعون الشهوات ويتركون الصلوات)ثم ذكر قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي مُنَافِقٌ عَلِيمُ اللِّسَانِ يُجَادِلُ بِالْقُرْآنِ)وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ أَقْوَامًا يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَدْعُونَكُمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَقَدْ نَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ فَعَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّبَدُّعَ –أي الابتداع في الدين- وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَطُّعَ – أي التكلف والمغالاة والتعمق في القول أو الفعل-، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّعَمُّقَ –أي المبالغة والتشدد في الأمر- وَعَلَيْكُمْ بِالْعَتِيقِ – أي القديم وما كان عليه الصحابة، والمراد التمسك بالقرآن والسنة-) وعن معاوية رضي الله عنه قال: (إِن أغرى الضَّلَالَة لرجلٌ يقْرَأ الْقُرْآنَ فَلَا يفقهُ فِيهِ، فيعلمَهُ الصََّبِيَ وَالْعَبْدَ وَالْمَرْأَةَ وَالْأَمَةَ، فيجادلون بهِ أهلَ الْعلمِ)قال ميمون بن مهران: (إن هَذَا الْقُرْآن قد أخلق فِي صُدُور كثير من النَّاس فالتمسوا مَا سواهُ من الْأَحَادِيث وان مِمَّن يَبْتَغِي هَذَا الْعلم يَتَّخِذهُ بضَاعَة ليلتمس بِهِ الدُّنْيَا وَمِنْهُم من يتعلمه ليماري بِهِ وَمِنْهُم من يتعلمه ليشار اليه وَخَيرهمْ الَّذِي يتعلمه فيطيع الله فِيهِ)قَالَ الحافظ ابن عبد البر: وَمعنى قَوْله “إن هَذَا الْقُرْآن قد أخلقَ” وَالله أعلم، أَي أخلق علم تَأْوِيله من تِلَاوَته إِلَّا بالأحاديث عَن السّلف الْعَالمين بِهِ فبالأحاديث الصِّحَاح عَنْهُم يُوقف على ذَلِك لَا بِمَا سولته النُّفُوس وتنازعته الآراء كَمَا صنع أهل الْأَهْوَاء.قال عمر بن الخطاب: (مَا أَخَافُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ مُؤْمِنٍ يَنْهَاهُ إِيمَانُهُ وَلَا مِنْ فَاسِقٍ بَيِّنٍ فِسْقُهُ، وَلَكِنِّي أَخَافُ عَلَيْهَا رَجُلًا قَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ حَتَّى أَزْلَفَهُ بِلِسَانِهِ ثُمَّ تَأَوَّلَهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ)] جامع بيان العلم 2/193 بتصرف.وأما ما ورد في الحديث:( وَاللَّبَنُ، فقالوا: وَمَا بَالُ اللَّبَنِ؟ قَالَ:” أُنَاسٌ يُحِبُّونَ اللَّبَنَ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ الْجَمَاعَاتِ وَيَتْرُكُونَ الْجُمُعَاتِ) فالمراد بمحبة اللبن، أي الإبل التي تنتج اللبن، ومعلوم أن اللبن كان غذاءً أساسياً عند العرب. وقد منَّ الله عليهم في قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِّلشَّارِبِينَ} سورة النحل الآية 66.وذِكرُ اللَّبَنِ في الحديث لما كان له من الأهمية في غذاء العرب، فهو مما يشتهون، ويلحق باللَّبَنِ شهوات الطعام الأخرى، وكذا كلُّ الشهوات التي تصدُّ عن طاعة الله عز وجل، كما ورد في رواية: (أَمَّا اللَّبَنُ فَيَبْتَغُونَ الرِّيفَ، وَيَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ، وَيَتْرُكُونَ الصَّلَوَاتِ).وفي رواية أخرى: (ويُحِبُّونَ اللَّبنَ فيترُكونَ الجماعاتِ).وفي رواية ثالثة: (ويُحِبُّون اللَّبَنَ فيَدَعون الجَماعاتِ والجُمَعَ ويَبْدُون)قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في شرح “باب من الدِّين الفرارُ من الفتن”: [ونصَّ أحمد -في رواية مهنا-على كراهية الخروج إلى البادية لشرب اللَّبَنِ ونحوه تنزهاً لما به من ترك الجماعة، إلا أن يخرج لعلة. يعني أنه إذا خرج تداوياً لعلة به جاز] فتح الباري لابن رجب 1/97.وقوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث “وَيَبْدُونَ” أي يتخذون البادية موطناً وسكناً، ويترتب على ذلك ترك صلاة الجماعة والجمعة.ثالثاً: يؤخذ من هذا الحديث النبوي أن دين الإسلام يقوم أساساً على القرآن الكريم والسنة النبوية، ولا يصح التفريقُ بينهما، كما زعم القرآنيون الذين يردون السنة النبوية بأهوائهم الباطلة، ومَنْ تابعهم من أدعياء التنوير والتقدم من اللبراليين والعلمانيين والتغريبيين، ومن لفَّ لفَّهم من عبيد الفكر الغربي. ونحن نؤمن بما قرره العلماء من حجية السنة النبوية، حيث قامت الأدلة من الكتاب الكريم على حجيتها، فمنها: قوله تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} سورة آل عمران الآية 32.وقوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} سورة النور الآية 63. وقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً} سورة الأحزاب الآية 36. وقوله تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} سورة النساء الآية 65. وقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}سورة النحل الآية44. وقال تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} سورة النور الآية 51.وعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( ألا إنِّي أوتيتُ الكتابَ ومثلَهُ معهُ، لا يُوشِكُ رجُلٌ شبعانٌ على أريكتِهِ يقولُ عليكُم بِهذَا القُرآنِ فما وجدتُم فيهِ مِن حَلالٍ فأحلُّوه وما وَجدتُم فيهِ مِن حرامٍ فحرِّمُوه، ألا لا يحلُّ لكُم لحمُ الحِمارِ الأهليِّ، ولا كلِّ ذي نابٍ من السَّبُع…) رواه أبو داود والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. وقال العلامة الألباني: صحيح. قال الإمام الخطابي في شرح الحديث: [يحذر بذلك مخالفة السنن التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ليس له ذكر في القرآن على ما ذهب إليه الخوارج والروافض من الفرق الضالة فإنهم تعلقوا بظاهر القرآن وتركوا السنن التي ضمنت بيان الكتاب فتحيروا وضلوا…وفي الحديث دليلٌ على أن لا حاجة بالحديث أن يعرض على الكتاب وأنه مهما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيءٌ كان حجة بنفسه] معالم السنن 4/276.وورد في كتاب عمر رضي الله عنه إلى القاضي شريح: [إذا أتاك أمر في كتاب الله، فاقض به، فإن لم يكن في كتاب الله وكان في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقض به، فإن لم يكن فيهما، فاقض بما قضى به أئمة الهدى، فإن لم يكن فأنت بالخيار، إن شئت تجتهد رأيك، وإن شئت تؤامرني، ولا أرى مؤامرتك إياي إلا أسلم لك] سير أعلام النبلاء 4/101.وقد حذَّر النبيُّ صلى الله عليه وسلم وكذا علماءُ السلف والخلف من يزعم الاكتفاءَ بما ورد في القرآن الكريم دون الأخذ بالسنة النبوية، فعن أبي رافع رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ –السرير- يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ فَيَقُولُ لَا نَدْرِي مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ) رواه الترمذي ثم قال: هذا حديث حسن صحيح، وقال العلامة الألباني: صحيح. ورواه الترمذي أيضاً عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( أَلَا هَلْ عَسَى رَجُلٌ يَبْلُغُهُ الْحَدِيثُ عَنِّي وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ فَيَقُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ حَلَالًا اسْتَحْلَلْنَاهُ وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ حَرَامًا حَرَّمْنَاهُ وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا حَرَّمَ اللَّهُ) وقال العلامة الألباني: صحيح. وروى الخطيب البغدادي بسنده عن عمران بن حصين رضي الله عنه أنه كان جالساً ومعه أصحابه يحدثهم، فقال رجل من القوم لا تحدثونا إلا بالقرآن، فقال له عمران بن حصين:(ادنه -اقترب-فدنا، فقال: أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن، أكنت تجد فيه صلاة الظهر أربعاً، وصلاة العصر أربعاً، والمغرب ثلاثاً، تقرأ في اثنتين، أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن أكنت تجد الطواف بالبيت سبعاً، والطواف بالصفا والمروة ثم قال: أي قوم، خذوا عنا فإنكم والله إن لا تفعلوا لتضلن).وفي رواية أخرى: (أن رجلاً قال لعمران بن حصين: ما هذه الأحاديث التي تحدثونها وتركتم القرآن؟ قال: أرأيت لو أبيت أنت وأصحابك إلا القرآن، من أين كنت تعلم أن صلاة الظهر عدتها كذا وكذا، وصلاة العصر عدتها كذا، وحين وقتها كذا، وصلاة المغرب كذا، والموقف بعرفة، ورمي الجمار كذا، واليد من أين تقطع، أمن هنا أم هاهنا أم من هاهنا، ووضع يده على مفصل الكف، ووضع يده عند المرفق، ووضع يده عند المنكب، اتبعوا حديثنا ما حدثناكم وإلا والله ضللتم] الكفاية في علم الرواية 1/28.وقال أيوب السختياني: [إذا حدثتَ الرجلَ بالسنة فقال: دعنا من هذا وحدثنا من القرآن، فاعلم أنه ضالٌ مضلٌ] الكفاية في علم الرواية1/28.وقال أبو قلابة: [إذا حدثتَ الرجلَ بالسنة فقال: دعانا من هذا وهات من كتاب الله، فاعلم أنه ضالٌ] طبقات بن سعد 7/184.وقال الإمام مالك: [السنَّةُ سفينة نوح عليه السلام من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق] تاريخ دمشق لابن عساكر 14/9.وقال الإمام الشافعي: [أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحل له أن يدعها لقول أحد] إعلام الموقعين 2/11.وقال الإمام أحمد:[من ردَّ حديث النبي صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلكة] المناقب لابن الجوزي ص 182.وقال الإمام البربهاري: [وإذا سمعت رجلاً يطعن في الأحاديث، ويردُّ الأحاديث والآثار، ويورد غير الآثار، ويعتمد على عقله ولا يريد أن يعتمد على الحديث، فاتهمه على الإسلام، وفي إسلامه دخن، ولا تشك أنه صاحب هوى وصاحب بدعة] كتاب السنة ص51.وقال الإمام الشوكاني: [إن ثبوت حجية السنة واستقلالها بتشريع الأحكام ضرورةٌ دينيةٌ، ولا يخالف في ذلك إلا من لا حظَّ له في الإسلام] إرشاد الفحول ص 33.وخلاصة الأمر أن قول النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( هَلاكُ أُمَّتِي فِي الْكِتَابِ وَاللَّبَنِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ مَا الْكِتَابُ وَاللَّبَنُ؟ قَالَ: يَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ فَيَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ مَا أَنْزَلَ الله، وَيُحِبُّونَ اللَّبَنَ فَيَدَعُونَ الْجَمَاعَاتِ وَالْجُمَعَ وَيَبْدُونَ) حديثٌ ثابتٌ لا يقل عن درجة الحسن.وأن المقصود بقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(هَلَاكُ أُمَّتِي فِي الْكِتَابِ وَاللَّبَنِ، قالوا يا رَسُولَ اللَّهِ! ما الْكِتَابُ وَاللَّبَنُ؟ قال: (يَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ فَيَتَأَوَّلُونَهُ على غَيْرِ ما أنْزَلَهُ اللهُ) أي أن من الناس مَنْ يتأول آيات القرآن الكريم على غير معناها الصحيح ويتلاعب بها، والحال أنه جاهلٌ بالسنة النبوية.وأن ما ورد في الحديث:(واللَّبَنُ، فقالوا: وَمَا بَالُ اللَّبَنِ؟ قَالَ:” أُنَاسٌ يُحِبُّونَ اللَّبَنَ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ الْجَمَاعَاتِ وَيَتْرُكُونَ الْجُمُعَاتِ) فالمراد بمحبة اللبن، أي الإبل التي تنتج اللبن، ومعلوم أن اللبن كان غذاءً أساسياً عند العرب. وذِكرُ اللبن في الحديث لما كان له من الأهمية في غذاء العرب، فهو مما يشتهون، ويلحق باللبن شهوات الطعام الأخرى، وكذا كل الشهوات التي تصدُّ عن طاعة الله عز وجل.وأنه يؤخذ من هذا الحديث النبوي أن دين الإسلام يقوم أساساً على القرآن الكريم والسنة النبوية، ولا يصح التفريقُ بينهما، كما زعم القرآنيون الذين يردون السنة النبوية بأهوائهم الباطلة، ومَنْ تابعهم من أدعياء التنوير والتقدم من اللبراليين والعلمانيين والتغريبيين، ومن لفَّ لفَّهم من عبيد الفكر الغربي. ونحن نؤمن بما قرره العلماء من حجية السنة النبوية، حيث قامت الأدلة من الكتاب الكريم على حجيتها.وأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قد حذَّر وكذا علماءُ السلف والخلف من يزعم الاكتفاءَ بما ورد في القرآن الكريم دون الأخذ بالسنة النبوية.قال الإمام مالك: [السنَّةُ سفينة نوح عليه السلام من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق]

0 التعليقات:

وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ

 




  ورد قولهُ تعالى:{وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ}فما هو المقصود بالركون للظالمين،ومن هم أعوان الظلمة في زماننا



أولاً:من الأمور الثابتة في دين الإسلام بشكلٍ قطعيٍ تحريمُ الظلم،فموقف الإسلام من الظلم والظلمة واضحٌ أشدَّ الوضوح،فدينُ الإسلام يحاربُ الظلم والظلمة،وقد وردت عشراتُ النصوص في كتاب الله عز وجل،وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم التي تدل على ذلك،فمنها:


قول الله تعالى:{وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}.


وقال الله تعالى:{وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}.


وقال الله تعالى:{إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}.


وقال الله تعالى:{فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}.


وقال الله تعالى:{إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.


وقال الله تعالى:{إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً}.


وقال الله تعالى:{وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ}.


وقال الله تعالى:{وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً}.


وقال الله تعالى:{مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ}.


وقال الله تعالى:{وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء}وغير ذلك من الآيات.


وأما الأحاديث فمنها:


ما ورد في الحديث القدسي الذي يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن رب العزة والجلال:(يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً،فلا تظالموا) رواه مسلم.


وعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة)رواه مسلم.


وقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم:(انْصُرْ أخَاكَ ظَالماً أَوْ مَظْلُوماً،فَقَالَ رجل يَا رَسُول اللهِ،أنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُوماً،أرَأيْتَ إنْ كَانَ ظَالِماً كَيْفَ أنْصُرُهُ؟ قَالَ:تحْجُزُهُ – أَوْ تمْنَعُهُ – مِنَ الظُلْمِ؛فَإِنَّ ذلِكَ نَصرُهُ)رواه البخاري.


ثانياً:قال تعالى:{وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ}سورة هود الآية 113. قال أهل اللغة:الركون السكون إلى الشيء والميل إليه.


وقال الإمام ابن كثير في تفسير قوله تعالى:{وَلَا تَرْكَنُوا} عن ابن عباس:ولا تميلوا إلى الذين


ظلموا”، وهذا القول حسنٌ،أي لا تستعينوا بالظلمة،فتكونوا كأنكم قد رضيتم بأعمالهم{فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّـهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ}أي:ليس لكم من دونه من ولي ينقذكم ولا ناصر يخلصكم من عذابه]. تفسير ابن كثير 2/511.


وقال القرطبي:[قوله تعالى:{وَلَا تَرْكَنُوا}الركون حقيقةً الاستناد والاعتماد والسكون إلى الشيء والرضا به،قال قتادة:معناه لا تودوهم ولا تطيعوهم.وقال ابن جريج:لا تميلوا إليهم.وقال أبو العالية:لا ترضوا أعمالهم;وكله متقارب وقال ابن زيد:الركون هنا الإدهان وذلك ألا ينكر عليهم كفرهم]تفسير القرطبي 5/75.


وقرر العلماء أن كل قولٍ أو فعلٍ فيه مساندةٌ للظالم يدخلُ في مفهوم الركون إلى الذين ظلموا،وقال العلماء إن حدَّ إعانة الظالم في ظلمه أن يُقدم الأعوانُ كلَّ ما ييسر للظالم ظلمه والاستمرار فيه،قال مكحول الدمشقي:[ينادي منادٍ يوم القيامة:أين الظلمة وأعوانهم ؟ فما يبقى أحدٌ مدَّ لهم حبراً أو حبَّرَ لهم دواةً أو برى لهم قلماً فما فوق ذلك إلا حضر معهم،فيجمعون في تابوتٍ من نارٍ فيلقون في جهنم] الكبائر للذهبي ص 112.


وقال الْحَسَن البصري وغيره من السلف:[مَنْ دَعَا لِظَالِمٍ بِالْبَقَاءِ،فَقَدْ أَحَبَّ أَنْ يُعْصَى الله عَزَّ وَجَلَّ] ذكره البيهقي في شعب الإيمان 12/41.


وقال الآلوسي:[ولعمري إن الآية أبلغ شيءٍ في التحذير عن الظلمة والظلم،ولذا قال الحسن:جمع الدين في لاءين يعني{لا تطغوا}سورة هود الآية 112 {ولا تركنوا}تفسير الآلوسي ١٢/١٥٥.


وقال سفيان الثوري:[من برى لهم قلماً،أو ناولهم قرطاساً،دخل في هذا] أي في الركون.


وَجَاء رجلٌ خياطٌ إِلَى سُفْيَان الثَّوْريّ فَقَالَ إِنِّي رجلٌ أخيط ثِيَاب السُّلْطَان- وكان السلطان ظالماً- هَل أَنا من أعوان الظلمَة؟فَقَالَ سُفْيَان:بل أَنْت من الظلمَة أنفسهم،وَلَكِن أعوان الظلمَة من يَبِيع مِنْك الإبرة والخيوط.]الكبائر للذهبي ص 112.


وقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْمَرْوَذِيُّ:[لَمَّا حَبَسُوا الإمام أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ فِي السِّجْنِ جَاءَهُ السَّجَّانُ,فَقَالَ:يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحَدِيثُ الَّذِي رُوِيَ فِي الظَّلَمَةِ وَأَعْوَانِهِمْ صَحِيحٌ؟قَالَ:نَعَمْ،قَالَ السَّجَّانُ:فَأَنَا مِنْ أَعْوَانِ الظَّلَمَةِ؟قَالَ لَهُ:أَعْوَانُ الظَّلَمَةِ مَنْ يَأْخُذُ شَعْرَكَ وَيَغْسِلُ ثَوْبَكَ وَيُصْلِحُ طَعَامَكَ وَيَبِيعُ وَيَشْتَرِي مِنْكَ،فَأَمَّا أَنْتَ فَمِنْ الظَّلَمَةِ أَنْفُسِهِمْ]الفروع لابن مفلح 11/145.


ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية:[وَقَدْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ السَّلَفِ:أَعْوَانُ الظَّلَمَةِ مَنْ أَعَانَهُمْ وَلَوْ أَنَّهُ لاقَ لَهُمْ دَوَاةً – لاَقَ الدواةَ:جعل لها لِيقَةً وأَصلح مِدَادَها فهي مَلِيقَة-أَوْ بَرَى لَهُمْ قَلَمًا،وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَقُولُ:بَلْ مَنْ يَغْسِلُ ثِيَابَهُمْ مِنْ أَعْوَانِهِمْ.وأعوانهم هم من أزواجهم المذكورين في الآية،فإن المعين على البر والتقوى من أهل ذلك،والمعين على الإثم والعدوان من أهل ذلك،قال تعالى:{مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا}والشافع الذي يعين غيره فيصير معه شفعاً بعد أن كان وتراً،ولهذا فُسرت الشفاعة الحسنة بإعانة المؤمنين على الجهاد والشفاعة السيئة بإعانة الكفار على قتال المؤمنين كما ذكر ذلك ابن جرير…]مجموع الفتاوى 7/64.


ثالثاً:من المعلوم أن أعوان الظلمة في زماننا قد كثروا،ويشمل ذلك فئات كثيرة،كأجهزة الظالم المختلفة وكالقضاة ومشايخ السوء والإعلاميين والفنانين وغيرهم،ومن أخبث هؤلاء مشايخ السوء،فقد كثُرَ في زماننا علماءُ السوء الذين وصفهم الله بالكلاب والحمير،وكثُرَ أدعياءُ العلم ممن يسمون أنفسهم دعاةً أو يسمون أنفسهم دعاةً جدداً،وكثُرَ المفترون على منهج السلف،أدعياء السلفية،وهؤلاء جميعاً يربطهم موقفٌ واحدٌ ألا وهو التزلفُ للطغاة وللظلمة، لذلك سخروا ظهورهم على القنوات الفضائية،لخدمة أسيادهم من المتسلطين على رقاب الأمة،الذين يسومونها سوء العذاب،هؤلاء الطغاة الذين يستأسدون على شعوبهم،فيسفكون الدماء،ويسرقون الأموال،ويسعون في الأرض فساداً،وفي ذات الوقت هم أرانبُ خانعةٌ ذليلةٌ أمام أسيادهم سدنة الكفر في العالم.وقد سمعنا ورأينا من علماء السوء أولئك،ومن المستحمرين أقوالاً عجيبة غريبة،ومنها على سبيل المثال:


قال أحد الأفاكين مخاطباً سفاح الشام:اللهُ أقامك مقامَ خالد بن الوليد وعمر بن عبد العزيز وصلاح الدين الأيوبي،وإن الله أقامك مقام أولئك العظماء الذين نصروا الأمة على أعدائها،فامض لما أقامك الله وتسلح بالعزم والإيمان.


ووصف دجالٌ أزهريٌ سفَّاحَينِ آخرين بأنهما رسولان من عند الله،مثلهما مثل موسى وهارون عليهما السلام.وشبه الدجال السابق نجاة طاغية من حادثةٍ،بنجاة نبي الله إبراهيم من النار!


وقالت عجوزٌ شمطاءُ تدَّعي الفقه:إن نساء الإخوان أخطر من اليهود،ولا يجوز الزواج منهن.


وأفتى أحد أفراخ الدجالين بتطليق الزوجة الإخوانية،باعتبارها قنبلةً موقوتةً في الأسرة.


وقال كبيرُ الدجاجلة من أدعياء السلفية:إن حصار غزة وإغلاق معبر رفح،فيه مصلحةٌ لأهل غزة وفلسطين!؟


وغير ذلك من قاذورات هؤلاء التي تزكم الأنوف،وتعافها عقول المؤمنين.هؤلاء السفلة الذين اتخذهم الطغاة والظلمة (جِزَماً بالعامية المصرية) ليخوضوا بها الأوحال والمستنقعات النتنة،ومن ثم يخلعونها ويرمونها،وهذه هي قيمتهم الحقيقية أن يكونوا في مزابل التاريخ.


علماءُ السوء وأدعياء العلم ممن يسمون أنفسهم دعاةً أو يسمون أنفسهم دعاةً جدداً أو من المفترين على منهج السلف أدعياء السلفية،رضوا لأنفسهم أن يكونوا أبواقاً للطواغيت الظالمين وأعواناً لهم،ورضوا لأنفسهم أن يكونوا كشاهدي الزور،ورضوا لأنفسهم أن يكونوا أدواتٍ حادةٍ بيد الظلمة يشهرونها في وجوه أهل الصدق المخالفين والمعترضين على ظلمهم وخيانتهم للعهد وللأمانة.علماءُ السوء سخَّروا علمهم وما حفظوا من نصوص شرعية لإحقاق الباطل،وإبطال الحق قربةً لأسيادهم الطواغيت الظالمين،كل أؤلئك ليسوا أهلاً لتأخذ عنهم الفتاوى ولا يُسمع لهم،بل الواجب أن تُرمى أقوالُهم وفتاواهم في وجوههم، فلا يجوز مطلقاً لأي مسلم أن يأخذ بفتاوى هؤلاء الأقزام ناقصي العقل والدين،فهؤلاء مفترون على دين الإسلام،ومفترون على السلف الصالح.


وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(مَنْ أَعَانَ ظَالِماً لِيُدْحِضَ بِبَاطِلِهِ حَقّاً فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ الله وَذِمَّةُ رَسُولِهِ)راوه الحاكم وقال: صحيح الإسناد.وصححه العلامة الألباني في صحيح


الجامع.ومعنى الحديث أنه قد خان عهد الله وعهد رسوله،وحُرِمَ من حفظ الله وأمانه ورعايته في الدنيا والاَخرة .


وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا:قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ،وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ،مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ،رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ ، لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا )رواه مسلم.


قال الإمام النووي:[هذا الحديث من معجزات النبوة،فقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم،فأما أصحاب السياط فهم غلمان والي الشرطة] شرح النووي على صحيح مسلم 17/191 .


وقال السخاوي:[وهم الآن أعوان الظلمة ويطلق غالباً على أقبح جماعة الوالي،وربما توسع في إطلاقه على ظلمة الحكام] الإشاعة لأشراط الساعة ص 119 .


قال ابن حجر الهيتمي:[الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ وَالتَّاسِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الثَّلَاثمِائَةِ ظُلْمُ السَّلَاطِينِ وَالْأُمَرَاءِ وَالْقُضَاةِ وَغَيْرِهِمْ.والْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ وَالتَّاسِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ:ظُلْمُ السَّلَاطِينِ وَالْأُمَرَاءِ وَالْقُضَاةِ وَغَيْرِهِمْ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا بِنَحْوِ أَكْلِ مَالٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ شَتْمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ،وَخِذْلَانُ الْمَظْلُومِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى نُصْرَتِهِ،وَالدُّخُولُ عَلَى الظَّلَمَةِ مَعَ الرِّضَا بِظُلْمِهِمْ وَإِعَانَتُهُمْ عَلَى الظُّلْمِ وَالسِّعَايَةُ إلَيْهِمْ بِبَاطِلٍ)قَالَ تَعَالَى:{وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ} إبراهيم:42.وَقَالَ تَعَالَى:{وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}الشعراء:227،وَقَالَ تَعَالَى:{وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ}هود:113 وَالرُّكُونُ إلَى الشَّيْءِ السُّكُونُ وَالْمَيْلُ إلَيْهِ بِالْمَحَبَّةِ،وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي الْآيَةِ:” لَا تَمِيلُوا إلَيْهِمْ كُلَّ الْمَيْلِ فِي الْمَحَبَّةِ وَلِينِ الْكَلَامِ وَالْمَوَدَّةِ” وَقَالَ السُّدِّيُّ وَابْنُ زَيْدٍ:لَا تُدَاهِنُوهُمْ،وَقَالَ عِكْرِمَةُ:لَا تُطِيعُوهُمْ وَتَوَدُّوهُمْ،وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ:لَا تَرْضَوْا بِأَعْمَالِهِمْ،وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مُرَادٌ مِنْ الْآيَةِ.وَقَالَ تَعَالَى:{احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ}الصافات:22 أَيْ أَشْبَاهَهُمْ وَأَتْبَاعَهُمْ] الزواجر عن اقتراف الكبائر 2/189-190.


رابعاً:لا شك أن الله جلَّ جلالهُ قد توعد الظلمة وأعوانهم بأشد العقوبات،قال تعالى:{وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُم ْ هَوَاءٌ}سورة إبراهيم الآيتان 42-43.


وقال تعالى:{أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ}سورة الشورى الآية 45،والعذاب المقيم هو العذاب الدائم الأبد.


ولا نجاة ولا فداءَ من هذه العقوبات،قال تعالى:{وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ}سورة الزمر الآية 47.


وفي اليوم الآخر يتبرأُ الظالمون من أعوانهم وأتباعهم،ولن يغنوا عنهم من الله شيئاً،قال تعالى:{وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ}سورة البقرة الآيات 165-167.


وقال تعالى:{وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}سورة سبأ الآيات 31-33.


وقد تبرأ النبيُّ صلى الله عليه وسلم من الظلمة ومن أعوانهم، وأنهم لا يردون عليه الحوض،فعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ،قَالَ:قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(أُعِيذُكَ بِاللَّهِ يَا كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ مِنْ أُمَرَاءَ يَكُونُونَ مِنْ بَعْدِي،فَمَنْ غَشِيَ أَبْوَابَهُمْ فَصَدَّقَهُمْ فِي كَذِبِهِمْ،وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ،وَلَا يَرِدُ عَلَيَّ الحَوْضَ،وَمَنْ غَشِيَ أَبْوَابَهُمْ أَوْ لَمْ يَغْشَ وَلَمْ يُصَدِّقْهُمْ فِي كَذِبِهِمْ،وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ،فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ،وَسَيَرِدُ عَلَيَّ الحَوْضَ،يَا كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ الصَّلَاةُ بُرْهَانٌ،وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ حَصِينَةٌ،وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ المَاءُ النَّارَ،يَا كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ،إِنَّهُ لَا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلَّا كَانَتِ النَّارُ أَوْلَى بِهِ)رواه أحمد والنسائي والترمذي وحسنه،وصححه العلامة الألباني في صحيح سنن الترمذي1/189.


وروى الإمام مسلم في صحيحه:(مَرَّ هِشَامُ بنُ حَكِيمِ بنِ حِزَامٍ علَى أُنَاسٍ مِنَ الأنْبَاطِ بالشَّامِ،قدْ أُقِيمُوا في الشَّمْسِ،فَقالَ:ما شَأْنُهُمْ؟قالوا:حُبِسُوا في الجِزْيَةِ،فَقالَ هِشَامٌ:أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ:إنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ في الدُّنْيَا.)وَزَادَ في حَديثِ جَرِيرٍ:(قالَ وَأَمِيرُهُمْ يَومَئذٍ عُمَيْرُ بنُ سَعْدٍ علَى فِلَسْطِينَ فَدَخَلَ عليه فَحَدَّثَهُ،فأمَرَ بهِمْ فَخُلُّوا)


وقال النبي صلى الله عليه وسلم:(إذا وقفَ العبادُ على الصراطِ يومَ القيامةِ نادَى الله تعالى وقال:أنَا الله،أنَا الملك،أنا الديان،وعِزَّتي وجلالي لا يغادرُ هذا الصراطَ واحدٌ من الظالمين،ثم ينادِي ملَك من قِبَل الله تعالى فيقول:أينَ الظلَمَة؟أين أعوانُ الظلَمَة؟أين مَن برى لهم قلمًا؟أين مَن ناولهم دَواةً؟ثم تنادي جهنّمُ على المؤمنين فتقول:يا مؤمِن أسرع بالمرور عليَّ فإنَّ نورَك أطفأ ناري]رواه أحمد والطبراني والحاكم وقال:صحيح الإسناد ولم يخرجاه،ووافقه الذهبي.وقال الحافظ في “تغليق التعليق” إسناده حسن.


وعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(مَنْ أَعَانَ عَلَى خُصُومَةٍ بِظُلْمٍ،أَوْ يُعِينُ عَلَى ظُلْمٍ،لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ )رواه ابن ماجة والحاكم وصححه،وصححه العلامة الألباني.والمراد أنه يظَلُّ في غضَبٍ مِنَ اللهِ حتَّى يَترُكَ هذه المُعونة.


وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ:قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(مَنْ أَعَانَ قَوْمَهُ عَلَى ظُلْمٍ،فَهُوَ كَالْبَعِيرِ الْمُتَرَدِّي يُنْزِعُ بِذَنَبِهِ)رواه أحمد وأبو داود والبيهقي وابن حبان في صحيحه،وصححه العلامة الألباني.


ومعنى (يُنْزِعُ بِذَنَبِهِ)أَيْ يُجَرّ مِنْ وَرَائِهِ.وقَالَ الإمام الْخَطَّابِيُّ:[معناه أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي الإِثْم وَهَلَكَ كَالْبَعِيرِ إِذَا تَرَدَّى فِي بِئْر فَصَارَ يُنْزَع بِذَنَبِهِ وَلا يَقْدِر عَلَى الْخَلاص.] معالم السنن 1/535.


وخلاصة الأمر:


أن من الأمور الثابتة في دين الإسلام بشكلٍ قطعيٍ تحريمُ الظلم،فموقف الإسلام من الظلم والظلمة واضحٌ أشدَّ الوضوح،فدينُ الإسلام يحاربُ الظلم والظلمة.


وأن قوله تعالى:{وَلَا تَرْكَنُوا}أي لا تميلوا إلى الذين ظلموا ولا تودوهم ولا تطيعوهم.ولا ترضوا أعمالهم.


وأن العلماء قد قرروا أن كل قولٍ أو فعلٍ فيه مساندةٌ للظالم يدخلُ في مفهوم الركون إلى الذين ظلموا.


وقال العلماء إن حدَّ إعانة الظالم في ظلمه أن يُقدم الأعوانُ كلَّ ما ييسر للظالم ظلمه والاستمرار فيه.


وأن أعوان الظلمة في زماننا قد كثروا،ويشمل ذلك فئات كثيرة،كأجهزة الظالم المختلفة وكالقضاة ومشايخ السوء والإعلاميين والفنانين وغيرهم،ومن أخبث هؤلاء مشايخ السوء.


وأن الله جلَّ جلالهُ قد توعد الظلمة وأعوانهم بأشد العقوبات.


وأن النبيُّ صلى الله عليه وسلم قد تبرأ من الظلمة ومن أعوانهم،وأنهم لا يردون عليه الحوض.


والله الهادي إلى سواء السبيل

0 التعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ التربية وتزكية النفس
تعريب وتطوير ( كن مدون ) Powered by Blogger Design by Blogspot Templates